الأربعاء، 29 مايو 2024

قرأت لكم قصة جديدة من قصص "أرواح وأشباح" للكاتب الكبير "أنيس منصور" والقصة بعنوان : "نصب تذكاري لمجهول "

 نصب تذكاري لمجهول .. قتله مجهول .. لأسباب مجهولة !

مدينة ألمانية صغيرة .. كل شئ فيها هادئ :
الناس والحيوانات والأشجار , الكل يمشي أو يجري أو يتوقف على قاعدة من حديد .
لايهتز ولا يهز أحداً .. فالناس لا يقولون شيئاً ..فالكل يعرف ما يدور في رأس الكل .. 
حتي الأمطار والعواصف تستأذن قبل أن تجئ .. حتى السماء تبعث بالبرق يضئ الطريق للرعد ليوقظ أهل مدينة نورمبرج الهادئة واحداً واحداً .. حتى لا ينزعج أحد .. أو حتى لا يفسد على الناس نعمة الإثارة .. ومتعة المفاجأة .. ولذة الشئ الجديد .
ولهذا عندما
جاء ذلك الشاب المجهول إلى هذه المدينة تعلقوا به . إنه حدث هائل .. إنه قنبلة . إنه السماء إنطبق على الأرض . إنه القمر عانق الشمس .. فالليل والنهار واحد متصل ..
ففي 28 مايو سنة 1828 تقدم شاب في السابعة عشرة من عمره يدق باب رجل سباك , ويتقدم منه حتى يكاد يدوس عليه .

ويعطيه خطاباً , الخطاب موجه لقائد سلاح الفرسان في المنطقة .

ويسأله السباك وهو ينظر إلى ملابسه المتنافرة التى إلتقت على جسمه لأول مرة , ولابد أنها ملابس (مساهمة) من أناس كثيرين

ومن أنت ؟

- أنا كاسبر ..

من هو أبوك ؟
- لاأعرف !
- من أين ؟
- لاأعرف!
- وماذ تريد ؟
- حصاناً .. فارساً .
الشاب " كاسبر" في صحة جيدة جداً ولكنه لا يعرف من اللغة الألمانية إلا بضع كلمات أشهرها : "لا أعرف" .. وأكثرها إنتشاراً على لسانه : حصان .. فارس .
فهو يريد أن يكون فارساً ليركب الحصان . وهو لذلك جاء بهذه الرسالة إلى قائد سلاح الفرسان .
ورأى الشاب شمعة موقدة . فمد أصبعه إليها فأحرقته .. فصرخ .. وإندهش السباك لهذا السلوك الغريب .. كأن هذا الشاب لايعرف أن الشمعة ستحرقه . أو كأنه رأى الشمعة لأول مرة في حياته .
ولم يكد الشاب يرى الخبز الأسود حتى ألتهمه دون إذن , ثم جلس على مقعد ساكناً ينظر إلى لاشئ .. وهو لايرى الدهشة التي غيرت ملامح وجه السباك وزوجته وأولاده ..
وذهب به السباك إلى قيادة سلاح الفرسان وقدم لهم هذا الشاب الغريب .. وتعددت الأسئلة .. وواجهها الشاب .. بإجابة موحدة :
لا أعرف !
ولاحظوا عليه أنه يمد وجهه إلى الأمام كأنه حريص على أن يشم الطريق ..
وجاء قائد سلاح الفرسان وفتح خطاب الشاب كاسبر . الخطاب يقول :
"عزيزى القائد .. أبعث إليك بطفل أرجو أن تجعله أحد جنود صاحب الجلاله .. الأمبراطور .. وفي سلاح الفرسان بالذات .
فقد كان أبوه ضابطاً وأنا لا أعرف أباه .
فقد أتوا به إلى يوم 7 أكتوبر 1812 وأنا سيدة فقيرة , وعندي
أطفال أحوج للعناية والرعاية . ولكني ربيته كأولادي تماماً ولم أسمح له بأن يخرج من البيت .
حبسته . هكذا أمروني وهو لا يعرف أين كان ولا من أنا . لقد جئت به إلى هنا ليلاً . وهو لا يعرف كيف يعود :
فقد سلكت به طرقاً ملتوية , وإذا أراد فلن يستطيع . فليس في جيبه مليم واحد . ولا في جيبي وإذا لم تستطيع أن تجعله جندياً فأبعث به إلى أبيه الذي توفي منذ سنوات ! "
ثم أخرج الشاب من جيبه خطاباً آخر .. وألقى به عند قدمي قائد سلاح الفرسان . الخطاب بخط مختلف تماماً أكثر ثقافة وأناقة ويقول : 
" هذا الشاب أسمه كاسبر هاوزر . أرجوا العناية به . وأرجو أن يكون في سلاح الفرسان عندما يبلغ السابعة عشرة , لقد ولد هذا الشاب يوم 30 أبريل سنة 1812 .
أنا سيدة فقيرة جداً . ولو كنت أستطيع أن أصنع له شيئاً لأبقيته عندى ضمن أولادي . لكن أباه مات وزوجى مات أيضاً ..
ما أقسى الحياة لسيدة شريفة
وكنت حريصة على ذلك .. ولو لم أكن أماً , لأرحتك وأرحته وقتلته . إنهم هكذا أوصوني إذا ضاقت السبل في وجهي , فأرجو ألا تضيق في وجهك فتضيق به . شكراً يا سيادة القائد , جزاك الله خيراً عن طفل أصبح شاباً ولا ذنب له في شئ . 
ولن تكون دهشتك أكبر من دهشتي .. إذا رأيت شيئاً غريباً أو عجيباً .. فكلانا لا يعرف أكثر مما قلت لك ".
وكان لابد أن يقوم قائد سلاح الفرسان بتفتيش هذا الشاب .. تفتيش جيوبه وتفتيش عقله وذاكرته . فطلب إليه أن يكتب أسمه على ورقة , فكتب أسمه .
وحاول أن يستدرجه إلى أن يقول أي شئ .
وقال الشئ الوحيد الذي يعرفه :
الحصان والفارس ولا أعرف !
قالوا : عبيط ..
وقالوا : بل إنهم منعوه من أن يتعلم لأسباب لا يعرفها أحد .
أما ملامح هذا الشاب في محاضر البوليس أو الجيش - لم يكن هناك فرق بينهما في ذلك الوقت - فهو أنه طويل . ممتلئ الجسم , بشرته ناعمة , لونه أبيض شاحب , عيناه واسعتان زرقاوتان . ولكنه إذا مشى يبدو كما لو كان كسيحاً . وهو ليس كذلك , وإنما فقط كان حبيساً في مكان ضيق , تحت الأرض , ولم تكن لديه أية فرصة للمشي . وفي إستطاعة هذا الشاب أن يجلس على أي مقعد دون أي حركة ساعات طويلة .
وأدخلوه في غرفة لعلهم يعرفون عنه شيئاً أكثر , ولكنهم لم يصلوا إلى شئ , ووضعوا في الغرفة سريراً ومقعداً .
ترك السرير وجلس على المقعد حتى الصباح , ولما أطفئوا الشموع في غرفته لم يعترض , ولكنه إذا تحرك في الغرفة وسط الظلام , لأي سبب فإنه لا يصطدم بشئ , فهو يري في الظلام كأي كلب أو قط .
إنتشرت القصة بين أهل نورمبرج , فما الذي لم يقله أحد ؟
ما الذي لم يتخيله أحد ؟ , إن المدينة قد إحتشدت .. علت وهبطت . إتسعت وضاقت . إلتقى أولها بآخرها . إنفتحت نوافذها على أبوابها وخرجت الألسنة , ودارت في التاريخ القديم والجديد .
وكانت تسلية النساء أن يقارن بين ملامح الشاب وبين ملامح كل غانية أو بنت ليل أو نبيلة أو دوقة .
لابد أنه إبن غير شرعي لأحد من النبلاء .. إنها فرصة نادرة لكي تصبح الفضيلة هي المؤهل الوحيد لكل الذين لا صفة لهم ولا وضع ولا مركز ولا دم نبيلاً . 
لقد جاء هذا الشاب فرفع سعر القيم الأخلاقية , وحط من العروش والتيجان .
أنه أبن غير شرعي , ما في ذلك شك !
وإلا لماذا - تسائل الناس : لماذا يحب الخيول دون بقية الحيوانات الأخرى ؟ لابد أنه رآها في إسطبلات آبائه ..
وإلا لماذا- يفضل أن يجلس على المقعد دون السرير؟ 
لابد إنهم لقنوه إنه سوف يجلس على العرش . ويجب أن يتمرن على ذلك , فالعروش ليست مريحة  .. إنها من الخشب والذهب.
أي من الخشب والمعادن الجافة الباردة .
ولكن العروش هي وحدها التى تحمي من يجلس عليها من شر الذين يقفون أمامها وخلفها .
وجاء الناس من كل المدن الألمانية يتفرجون ويقارنون ويعودون بمزيد من القصص والخرافات والإتهامات و الشائعات .
 والشاب بدأ يحفظ مفردات أخرى وبسرعة .
إذن هو ليس أبله ولا عبيطاً , إنهم فقط حرموه من التعليم ..
شئ غريب :
المدينة كلها عندها أرق , أما هو فهو يغط في نوماً عميق , كأنه ولد لكي ينام , أو كأنه أستولى على نوم المدينة كلها . 
وكان الشاب يصحو من النوم فيجد ملابسه وحذائه قد تغيرت جميعاً . 
ولا تبدو عليه الدهشة , ويقولون : طبعاً إنه نبيل أبن نبيل . لقد إعتاد على أن يجد من يوقظه ومن يطعمه ومن يكسوه دون أن يفكر في ذلك . 
وهل هو مثلنا يصنع كل شئ لنفسه ؟!
حتى العلماء ذهبوا ليروا , فقد جلس إليه الفقيه الجنائي فون فويرباخ ساعات طويلة .
ولم يشاء أن يقول لأحد ما الذي فكر فيه , ولكن أعلن :
بصراحة هذا الشاب هو أبن غير شرعي لأحد النبلاء . وقد أخفاه تحت الأرض لأسباب تتعلق بوراثة العرش في إحدى الإمارات الألمانية !
وزاره بعض الأطباء , وأكتشف أحد الأطباء أن لديه قدرة على الشم غير عادية , ولابد أن يكون قد إكتسب هذه القدرة إثناء سجنه الطويل .
فهو لايعرف الكلام , ولا يحتاج إلى أن يستخدم يديه أو رجليه.
ولابد أن تكون قدرته على الرؤية في الظلام قد نمت مع قدرته على الشم .
فكانوا يخفون الطعام في أماكن مختلفة من البيت الذي نقلوه إليه , وكان يذهب ويحضر الطعام في الظلام , ولم يخطئ مرة واحدةً!
حاول بعض الأمراء أن يتكلم على مسمع منه بلغة أخري , وكان الشاب يلتفت عند سماع بعض الكلمات .
وعاد الأمراء وهم على يقين أنه من أصل مجري نمساوي , ولابد أنهم إستراحوا إلى النتيجة التى وصلوا إليها :
أن أبويه من الأسرة المالكة !
وفي يوم 17 أكتوبر سنة 1829 وجدوا هذا الشاب ساقطاً على الأرض مغمى عليه , ولما أفاق قال :
إن رجلاً مجهولاً ضربني على رأسي !
وحاول البوليس العثور على هذا الرجل فلم يجدوا أحداً ..
وقررت المدينة حماية هذا الشاب فكان يراقبه ليلاً إثنان من رجال البوليس .
وعاود المدينة الهدوء من جديد , وتعبت من حكاية هذا الشاب المجهول .. إنا قصة مملة ليس فيها جديد ..
إلى أن رجل إنجليزي من النبلاء أسمه "لورد شانهوب" وأعلن إنه مهتم جداً بهذا الشاب .. وليس وحده فقط .
ففي بريطانيا آخرون كثيرون قلقون عليه , وعادت المدينة الهادئة إلى إهتمامها بالشاب :
كيف أهتم الإنجليز به ؟ ولماذا ؟
كبف يجئ نبيل إنجليزي إلى هذه المدينة ليسأل عنه ويقيم إلى جواره شهراً كاملاً ؟ لابد أنه طفل هام جداً !
وهذا يؤكد إنه أبن ملك .. لاشك في ذلك .
وفي إحدى الليالي سمع صوت إطلاق عيار ناري في غرفة الشاب .
وبعد ذلك عرفوا أن يده قد إصطدمت خطأ بإحدى البنادق المعلقة على الجدار لحمايته ..
وأدى هذا العيار الناري إلى مضاعفة الإهتمامات والتساؤلات .
وفي مايو سنة 1833 وفي ظروف غامضة أصيب الفقيه الجنائي فون فويرباخ بالشلل , ثم مات بعد ذلك بأيام .
ويوم 14 ديسمبر 1833 عاد هذا الشاب إلى البيت والدماء تنزف من صدره . 
لقد طعنه مجهول بسكين في جانبه الأيسر , فقد تحدث إليه ..ثم أعطاه خطاباً , وقال له :
ضعه في جيبك الآن , وإقرأه في البيت !
وفي هذه اللحظة طعنه وإختفى ..
وحاول البوليس أن يعثر على هذا المجهول .. ولكن لم يفلح , وعاد الفزع يجتاح المدينة .
خوفاً على صحة هذا الشاب .. وخوفاً على مصدر الإثارة في حياة المدينة.
وخوفاً من أن تفقد المدينة أهميتها فجأة , وخوفاً من أن يموت "المبرر الوحيد" لأن تكون الفضيلة والشرف مع الفقر هى كل مؤهلات الأغلبية الساحقة من سكان المدينة!
وعندما فتشوا جيوب الشاب وجدوا الخطاب . يقول :
هذا الشاب بدأ يتعلم وبسرعة , وسوف يخبركم من هو , وسوف تعرفون هذه القدرات الخفية التي يملكها والتي لم تظهر بعد , وحان موعد ظهورها , إنه شمشون جبار ومن نوع خاص ..
ولكن حتى لا تنفجر فيه هذه القدرات , فقد قررنا ما تعرفونه الآن !
ومات الشاب كاسبر هاوزر يوم 17 ديسمبر سنة 1833 .
أما التقرير الذي كتبه رجل الفقه الجنائي فون فويرباخ فلم يشأ أن ينشر إلا بعد وفاته .
ويقال أنه تلقى مبلغاً كبيراً من المال حتى لا ينشر هذا التقرير ولكن بعد وفاته طبع هذا التقرير .
وهو يقطع بأن الطفل هو أبن دوقة بادن , وإنه على يقين من ذلك . وصادرته ولاية بادن , وكذلك الولايات والإمارات الألمانية والنمساوية والمجرية .. فأدى ذلك إلى إنتشاره ..
ويقال أن الفقيه فويرباخ قد مات مسموماً ..
وعاد الرجل السباك يعترف بأن هذا الشاب عندما جاءه يسأل عن قائد سلاح الفرسان لم يرافقه إلى بيت القائد . وإنما أشار إليه أن يمشي إليه وأن يسأل الناس عنه .. وسار السباك وراء الطفل الذي إعتمد على أنفه وأتجه إلى بيت القائد دون أن يسأل أحداً من الناس . 
وكان البيت في أطراف المدينة !
أما البوليس فقد أعلن أنه يوم طعن هذا الشاب بسكين لم يجدوا آثار أقدام أحداً من الناس سواه .
أما الذي طعنه فلم يجدوا له أثراً أو شبيهاً بين كل سكان المدينة ..
أما قائد سلاح الفرسان فقد إعترف بشئ غريب قال:
إنه الآن يستطيع أن يقول الحقيقة . وقد خشى على على الناس منه ,
وخشى على نفسه أيضاً من أن يتهمه الناس بالجنون..
فقد كانت لهذا الشاب خاصية عجيبة .. كانوا يرددون على مسامعه أسماء بعض الناس وكان يصرخ عند سماع الأسماء ..
ومن الغريب أن كل إنسان صرخ عند ذكر أسمه مات في نفس اللحظة .. أو بعد ذلك بقليل , فعل ذلك سبع مرات في يومين .. بل 
أن قائد سلاح الفرسان كان يداعبه ويقول له : 
ما رأيك في جوستاف الصغير .
وصرخ كاسبرعند سماع هذا الأسم .. ولكن القائد ضحك قائلاً :
هذه المرة أخطأت فجوستاف هذا هو الأسم الذي أقترحته لحفيدي الذي سوف يولد بعد أيام ..
وولد الحفيد ميتاً في نفس اليوم !
وقال قائد سلاح الفرسان في التقرير المكتوب والمحفوظ في السجلات العسكرية لمدينة نورنبرج الألمانية :
"ولا أعرف كيف قررت أن أقلب هذه الكارثة على رأسه .. فقلت له : "وما رأيك في كاسبر هاوزر"..
والذي قررته شئ فظيع : لقد ظل الشاب يصرخ ويرفع أنفه إلى أعلى ويدق صدره , وجانبه الأيسر..
ومن العجيب أنه في اليوم التالي طعن كاسبر في قلبه وتوفي بعد ذلك بأيام .
ومن الصدف الغريبة أنني تلقيت من د. أحمد عبد العال أنه كان يقتني الكلاب السوداء , وهو يتفاءل بالون الأسود من الكلاب والقطط مثل الإنجليز..
فقد أمضى وقتاً طويلاً يدرس في إنجلترا.. وأن أحد الكلاب إذا عوى عند الفجر فإن شيئاً مؤلماً سوف يحدث , عوى الكلب أمام غرفة والده فمات بعد ذلك بيومين .. فتشاءم من الكلب فبعث به إلي أخته في الأسكندرية .
إنزعجت الأخت من عواء الكلب .. وروت كيف إنها وجدته يعوي عند سرير طفلها الصغير, ومات الطفل .
ولما حبسته عند البواب إنزعج البواب أيضاً , وقرر البواب أن يعيده إلى السيدة في نفس اليوم ولكن قد قتله المصعد في حادثة شهيرة .
وتلقيت أيضاً من زميل صحفي إنه كان يربي سلحفاة . وقد لاحظ فيها شيئاً أزعجه , فقد كانت السلحفاة تزحف إليه ثم تضرب رأسها مرتين وثلاثاً بصورة واضحة في رجل المكتب .
وبعد كل مرة يموت له أحد :
ماتت والدته وإحدى قريباته ووالده !
وأعترف أحد الأطباء أنه عندما كشف على جثة كاسبر هاوزر لاحظ أن الجثة تضئ في الليل .. وأنه لم يصدق عينيه .. وأنه إضطر إلى إنه يؤخر دفن الجثة بضعة أيام ليتأكد من ذلك ..
وأنه سارع بتغطيتها تماماً حتى لا يراها أحد من الناس .. وربما كان هذا الشاب من سكان الكواكب الأخرى !
ومن يزر مدينة نورنبرج يجد فيها نصباً تذكارياً بين الأشجار الكثيفة , ويجد عليه هذه العبارة اللاتينية :
"مدفونً هنا شخص مجهول ظهر لأسباب مجهولة , وقتله شخص مجهول لأسباب مجهولة "!
إن هذا الشاب ضحية . ثمرة جريمة . أو حتى لا تقع جريمة . أو هو عقبة في طريق المجد . أو قنبلة فظيعة . 
لقد أقامت المدينة الهادئة هذا النصب التذكاري حزناً عليه ,وإمتناناً له :
لأنه أنعش روحهم وأنقاذها من بلادة الهدوء ومرض الملل ولعنة التواضع ..
ثم أن هذا النصب التذكاري ليس إلا إصبعاً من رخام يشير إلي السماء :
إلي الحقيقة الكبري المجهولة لكل الناس ! 

لقاؤنا مع قصة جديدة أخرى من قصص أنيس منصور من كتابه 
"أرواح و أشباح"
القصة الجديدة بعنوان :
" دائماً ..
 تختفي الصور من البرواز ! "

ليست هناك تعليقات: