الأربعاء، 3 يوليو 2024

الفصل الإول من الرواية العالية " دون كيشوت" العالمية

 نبدأ من الفصل الأول للرواية

قصر عائلة دون كيشوت الشهير

في مقاطعة إسبانية تدعى "لامانش" , كان يعيش منذ زمن غير بعيد . نبيل ممن يملكون رمحاً في مسند الأسلحة , ودرقة عتيقة , وحصاناً هزيلاً , وبعض كلاب الصيد .
كانت قطعة اللحم في القدر , لحم البقر لا لحم الخروف , ووجبة رديئة مساءً من بقايا وجبة الغداء , والعدس في يوم الجمعة , والبيض بشحم الخنزير في يوم السبت على الطريقة الإسبانية , وبعض الحمام فوق ذلك في أيام الآحاد, 
كان ذلك كله يذهب ثلاثة أرباع الدخل , أما بقية الدخل فينفق على الثياب التي تتكون من سترة من الجوخ الجيد , مع سراويل مخملية , ومع البابوج لأيام الأعياد , 
وفي الأيام العادية كان يرتدي ثياباً حسنة من القماش المحلي .
وكان له في منزله ما يشبه الخادمة القيمة التي بلغت أربعين عاماً ونيفاً , مهما تقل في ذلك , وأبنة أخ لم تبلغ العشرين , وخادم يخدم في المنزل وفي الحقول , ويعتني بالحصان , ويجمع الحطب من الغابة .
كان عمر هذا النبيل يناهز الخمسين , وكان ذا بنية قوية ونشيطة ووجه نحيل , وجسم جاف معروف , وقد تعود النهوض مبكراً مولعاً بالصيد .
وإختلف المؤلفون في أسمه , إلا إن الظاهر أن أسمه هو :
" كيكزادا"
ولكن ذلك ليس مهماً بالنسبة إلى القصة إذا رويت بأمانة .

تابعونا ..
في الأيام التي لم يكن نبيلنا يعلم ما يفعل فيها ( وكان ذلك يستغرق على الأقل ثلاثة أرباع السنة) يقبل على قراءة كتب الفروسية بكثير من الولع واللذة , حتى مسي كلياً الصيد والعناية بأعماله :
وبلغ به الأمر حداً من العناد , باع  معه عدة قطع من الأرض الزراعية ليشتري روايات ملأ بها بيته.

وبالإختصار , إنكب نبيلنا إنكباباً شديداً على قراءاته , فكان يقضي فيها أيامه ولياليه , ولفرط ماقرأ وسهر جف دماغه وفقد قدرته على المحاكمة .
إمتلأ خياله بالقصص الفارغة التي قرأها :
قصص السحر والخصومات والتحدي والقتال والمعارك والجراح والعشق والشكوى الغرامية والعذاب والآلام وغير ذلك من الهوس والشطط .
إنطبع في عقله كل ما قرأه في هذه الروايات حتى خيل إليه أن ليس في العالم قصة أكثرواقعية منه .
كان يقول أن "السيد روي دياز" كان فارساً قوياً , لكن لا تجوز مقارنته بفارس السيف الملتهب الذي قطع بضربة واحدة عملاقين شديدي الضخامة إلى نصفين .
وكان راضياً عن "برناردو دي كاربيو" لأنه تغلب في ساحة "رونسيفو" على (رولان) , المسحور الذي إستخدم براعة هرقل حين خنق بذراعيه "آنتيه" , ابن الأرض الخارق .
وكان يثني على العملاق "مورغان" الذي أتسم باللطف والبشاشة وإن كان ينتمي إلى ذلك العرق المتكبر والفظ .


أما غاميلون الخاين فكان مستعداً لأن يضحي بخادمته وبإبنة أخيه لكي يكيل له مئة رفسة في بطنه .
إضطرب عقله , وداعبت خياله أغرب فكرة تصورها مجنون,
خيل إليه أن أفضل ما يمكنأن يفعله لخير الدولة ولمجده نفسه هو أن يصبح فارساً جوالاً .
وأن يسيح في الأرض بحثاً عن المغامرات , ليزيل جميع أنواع المظالم معرضاً نفسه لشتى المخاطر , فيبلغ بذلك المجد الخالد.

وتخيل هذا النبيل المسكين نفسه وقد توج ملكاً بقوة ساعده , وأن مملكة "تربيزوند" هي أقل ما يمكن أن يطمح إليه .
وسط هذه الخواطر السارة التي ملأته بالآمال لم يفكر إلا في شئً واحد , وهو أن ينفذ ما يتمناه بكل ما يملك من حماسة وبأسرع وقت ممكن .
أول ما فعله هو صقل السلاح الذي ورثه عن والد جده , بعد أن أكله الصدأ زمناً طويلاً في زاوية من البيت .
فنظفه وأصلحه ما أمكن الإصلاح , 
لكنه عندما رأى الخوذة ناقصة ولم يتبقي منها سوى غطاء الجمجمة أستخدم الكرتون بمهارة وربط بعضه ببعض وجعل منه خوذة , أو على الأقل مظهر الخوذة ..

تابعونا ..

ليست هناك تعليقات: