الخميس، 18 أبريل 2024

قرأت لكم قصة جديدة من "أرواح وأشباح" بعنوان : وردة المصرية تصلي في متحف القاهرة

 " وردة المصرية " 

تصلي في متحف القاهرة


يقول الكاتب "أنيس منصور" في قصته الجديدة :
لا تأخذ رأي أم في أبنها , أنها تراه أعظم إنساه في العالم , اليوم وغداً .
ولا تأخذ رأي عدو في عدو .. إنه يرآه أسوأ إنسان في أي مكان . ولا تأخذ رأي إنسان في نفسه , إنه عادة يظلم نفسه , فهو يبالغ في قيمة قدراته , أو إنه لا يرى لنفسه قدرة على
الإطلاق ..
وهكذا ترى أن الإنسان - كل إنسان - ظالم لغيره ولنفسه .
ولكن كيف إتفق كل الناس على هذا الرجل الإنجليزي الذي أسمه أدوارد  كراولي(1875-1947) .
أجمعوا الناس على أنه إنسان سافل وله قدرات خارقة ولا
ضرورة لها .. إنه مثل إنسان غني جداً وسفيه جداً ويبدد
أمواله على شراء أغطية الزجاجات الفارغة .. أو بأن يجعلها قراطيس - لقشر اللب - أنه كشئً من هذا .


والذي يرى كراولى في الصباح يمشي عارياً تماماَ .. ويتسلق الجدران .. ثم يغمض عينيه يقف على ساق واحدة ويقفز من جدار إلى جدار .. ثم يلقي بنفسه على الأرض فيهبط برفق وكأنه سقط بمظلة خفية , فيقول إنه ساحر قد تمكن من كل حيل الساحرين


وفي الليل ينام على الأرض عارياً تماماً .. ولا أحد يدري كيف إنه يشير بأصبعه إلى أحد فإنك لاتراه , فإذا هو يرتفع من الأرض ويستقر على السرير .. ويجئ الغطاء يلتف حوله بإحكام شديد .. وينطفئ نور الغرفة .. ويجئ النوم له , ويهرب من أعين الذين شاهدوا ذلك !


غداً نلتقي ..
ويكمل الكاتب :
وإذا سار كراولي في الشارع فأن عينيه لا تستريحان على إمرأة واحدة , إنه يدور حول كل إمرأة , وفي كل جسم ...
ويقال لأمه : أبحثي له عن عروس ؟
وتقول الأم : وهل تكفيه واحدة ...
ويصرخ كراولي : واحدة لا تكفي سوف أذهب إلى أواسط أفريقيا ليكون لي حريم من أجمل الزوجات !
ويختفي كراولي بضعة أيام ليعود إلى لندن وقد تحول إلى شيخ قبيلة أفريقي: أسود اللون مجعد الشعر .. ووراءه عشرة من نساء القبيلة ..

ومن الغريب أنه يتكلم لغة لا يعرفها أحد .. وأن له أولاداً يبلغون العاشرة والعشرين من العمر !
وقصة أدوارد كراولي هذا قد تناولها عدد كبير من الأدباء ,
آخرهم أديب أنجلترا "كولن ويلسون" في كتابه الأخير (القوى الخفية )

وكولن ويلسون هذا هو من أكثر الناس حماساً وتصديقاً لعجائب الأديب الشاعر الغريب أدوارد كراولي .. وفي مذكرات كراولي يقول : ما الذي لا أستطيعه-أو ما الذي
لاتستطيعه تلك القوي الخفية في أعماقي والتي تحركنى
أو التي تلهو بي ..
ليتها أعطتني طعاماً وشراباً ومالاً .. بدلاً من هذه القدرة
النافذة على تسلق الجدران والتلال والجبال .
إن كراولى لا يعرف كم عدد الأسطح التي سار فوقها ولا عدد التلال التي مشاها .. ولا عدد الجبال التي قفز من فوقها , أو تدحرج إليها ..

إنه لا أسماءها .. ولكن يستطيع أن يصف الطرق الصاعدة والهابطة حجراً حجراً .. وقد إختبره عدد كبير من متسلقي الجبال في أوروبا والتبت والهند - فقد سافر إلى كل أركان العالم , وفي ظروف غامضة ..
يقول في كتابه " كتاب القانون " : هذا الكتاب إستوحيته من روح حوروس العظيم .. إنني أتطلع إلى وجهه .. وأعطي له نفسي , وهو الذي يملي من داخلي .. ما كتبت حرفاً إلا بإذنه ..

ولا قمت بشئً إلا تطبيقاً لمشيئته .. على هداه سرت , وعلى هداه كتبت .. وإرضاءً له أفعل كل ما أستطيع ..
ولم يكتف كراولي بعبادة حوروس ولكنه أقنع زوجاته بذلك .فقد تزوج أربعين مرة ..
في إحدى المرات تزوج عشرين إمرأة في وقت واحد .. ويقول إنه لم يعرف كيف يتخلص من العشرين زوجة .. ولكنه ترك هذه المهمة للزوجات أنفسهن .. فليس أقسى من المرأة على المرأة .. وليس أقدر في القضاء على المرأة إلا المرأة ..

ففي إحدى الليالي السحرية في باريس , أقام كراولي صلاة جنسية .. أشعل الأضواء الحمراء , وتعرت الزوجات .. وتعرى كراولي .. وظهرت على الجدران صورة حوروس الآله الفرعوني الساحر .. وتعالت الصيحات .. وذاب الجميع في الجميع .. 

وهرب كراولي إلى الهند في تلك الليلة ., ونام عارياً على الجبل ..
وفي الصباح أحس بشئ من البرودة .. 
وعندما إستيقظ من نومه وجد إحدى زوجاته إلى جواره ..
وكأنها نامت إلى جواره طول الليل وسألها ببرود :
كم واحدة قتلت ؟
فأجابت بنفس البرود : كلهن .
وصرخ فيها يقول :
وتريدين مني أن أسكت على هذه الجريمة , أذهبي فأنت طالق .. وأنت ميتة .. وهن جميعاً ينتظرن قدومك..فإذهبي 
لما هو أقسى من الموت .. إذهبي إلى ضحاياك !
وإختفت الزوجة ..
وكان هذا الرجل كراولي يعلم إنه ليس هو الوحيد في العالم . فكتب في مذكراته يقول :
في الدنيا كثيرون لهم قدرات عظيمة .. ولكن التواضع يمنعهم من الكلام , والذهول يمنعهم من الظهور .. إنهم قد أدركوا أنهم ألعوبة في أيدي قوى خفية .. وأخجلهم ذلك .. إنهم لا يعرفون ما الذي يفعلونه .. إنهم مثل فتاة جميلة جداً تزوجت رجلاً أعمى .. وعاشت معه في جزيرة .. إنها لا ترى سبباً لأن تغسل وجهها .. ولا أن تفتح فمها بالكلام ..ما الفائدة ؟  

أن زوجها ووحيدها ورجلها لا يرى .. فلا معنى لشئ .. هؤلاء الناس وما أكثرهم , لا ينطقون .
فالناس من حولهم قد أصابهم الصمم والعمى .. وقد شغلتهم الدنيا عن كل شئً آخر ..
ويقول : الوحش هو أشرف الكائنات .. لأنه طبيعي , لا يكذب .. ولا يلف ولا يدور .. إذا أراد فعل .. وإذا فعل فقد حقق إرادة الله .. أو الإرادة التي لا يعرفها .. والذي لا يفعل ذلك إنسان , أي وحش كاذب !
ولكن كراولي في كل ما كتب لا يصف بالضبط ماهي القدرات الخفية التي في داخله . فقط يروي الحوادث و النوادر وعلى الناس أن يفكروا بعده في أي شئ .. يقول : 
انه كان في مدنة كلكتا بالهند .. هاجمه خمسة من اللصوص .. ولم يكن معه سلاح .. 
وحاولوا قتله ولكنه أختفى منهم أو أختفي عنهم .. كيف حدث ذلك ؟ يقول :
إنه لم يهرب ..
ولكنه إستطاع فقط أن يؤثر على عقولهم وأن يضع فيها بقعة سوداء . هذه البقعة جعلت كل شئ يبدو أسود.. العالم كله وهو ضمن هذا العالم .. فهم لم يروه ولذلك لم يهاجموه.
وقد نجا وسط هذا الظلام الذي أغرقهم فيه !
وجاء إلى مصر .. وتزوج من فتاة أسمها "وردة المصرية"
ولكنه عندما جاء إلى مصر كان قد أطلق على نفسه أسم الأمير شاه خان .. وعلى زوجته الأميرة شاه خان ..
وكان يرفض أن يناديه أحد بأي أسم آخر.. حتى حماته عندما أرسلت لابنتها خطاباً ووضعت كلمة "الأميرة" بين قوسين مزق الخطاب دون أن يفتحه .

وكان يتردد على المتحف المصري كل يوم .. ويقف أمام تمثال صغير هناك .. ويقول إن هذا التمثال هو وحده الذي وضع فيه الفراعنة سر الكون .. إن هذا التمثال قد سقط من موضعه أكثر من مرة .. وكان من الواجب أن يتساءل أحد:
لماذا لم يتحطم ؟
ولكن أحداً لم يفعل ذلك .. لأن في هذا التمثال سراً خطيراً.

ويقول إنه إستطاع أن يقرأ اللوحة الذهبية الموجودة في بطن التمثال .. ولكن لم يفهم منها شيئاً .. لأن قدراته العقلية ليست لها الشفافية الباهرة القادرة على فهم ألغاز الكون ..
وفي إحدى المرات ذهب إلى المتحف المصري ولاحظ أن التمثال قد تحرك من مكانه بضعة مليمترات .. فحاول أن يعيده إلى مكانه .. وهنا سقط كراولي على الأرض ساجداً للآله حوروس ومن ورائه "وردة المصرية" .
وفي يوم قالت له وردة المصرية : أريد طفلاً .
وغاب عن وعيه بضع لحظات وعاد ليقول لها : ولكنه سيموت قبلك بأيام ..
قالت وردة : لايهم ولكن أريد لي طفلاً ولو ساعة واحدة .
وغاب عن وعيه بضع لحظات وعاد ليقول لها :
يقول لك الآله حوروس سيكون لك طفل يعرفك ولا تعرفينه . فقالت :
لا أريد طفلاً يقتل أمومتي أعطيه الحياة ويأخذها مني ..
وغاب كراولي عن وعيه ثم عاد ليقول :
 الآله حوروس يقول لك :
سيكون لك طفل يشعر بأمومتك وتشعرين ببنوته .. ولكنه يصيبك بالجنون .

قالت :
ومتى أصاب بالجنون ؟
وغاب عن وعيه لحظات , ليقول لها : بعد ذلك بوقت قصير .قالت أوافق .
قال : وأمك أيضاً .
قالت : أوافق .
قال : ولا تكون بيننا حياة .
قالت : مادمت سأموت فلا يهم أي شئ بعد ذلك !
قال : سيكون لك الطفل , إنها إرادة الآله حوروس .

حملت وردة المصرية , وكان طفلها قبيح الشكل .. نصفه حيوان ونصفه الأخر إنسان .. رأته وردة المصرية .. فأصابها الجنون وماتت .
ولما عرفت الأم ما أصاب إبنتها أصابها الجنون وماتت ..
وأنتقل كراولي بعد ذلك إلى تونس ..
وإختار لنفسه أسم بيير مانيه .. وكانت له زوجة تونسية نحيفة جداً .. لا شئ فيها يدل على إنها أنثى .. إلا إنها لا تكف عن الكلام .. ويكون كلامها عن جمالها .. وإنها ترى الناس من فوق .. فهى طويلة القامة والناس قصار .. ولكن هذه التونسية وأسمها عائشة كانت لها ميزة عظيمة ..

فهي تشاركه كل المخدرات التي يتعاطاها .. وبنفس القدر والقدرة .. فهو يدخن الحشيش ويمتص الأفيون ويشم الكوكايين ..
وكانت عائشة هذه تتفوق عليه في كل ذلك .. وكان يقول لها :
سوف تكونين أشهر أمرأة في فرنسا ..
وبعد سنوات أصبحت عائشة هذه التى غيرت أسمها أشهر النساء في باريس وأختارت لها أسم "نينت"

وإنفصلت عن كراولي ولكنه وعدها بأن يزورها بعد منتصف الليل متى أراد ذلك ..
وإشترطت عليه أن يدق بابها فقط حتى لا تنزعج لمجيئه المفاجئ .. وكان يفعل ذلك .. فهو يدخل غرفتها دون أن تدرى ويدق الباب من الداخل ..

فإذا صرخت وحاولت أن تخفي الرجل الذي يكون إلى جوارها لم تجد الرجل .. وكان كراولي لا يعلق على شئ من ذلك .. وإذا حاولت أن تسأله قائلة : وأين ذهب ؟
يكون رده : أمام الباب .
وعندما تفتح الباب تجد الرجل نائماً أمام الباب يحتضن كل الأحذية الموجودة في البيت !

يقول أديب أنجلترا كولن ويلسون :
لقد وجدت في تاريخ الشعوب نماذج كثيرة من طراز كراولي هذا .. ولكن الشعوب لم تنتبه إلى هذه المصابيح النافرة , أو هذه النيران البدائية , ولذلك ضاع منا الكثير الذي كان من الضروري أن نعرفه ..
ويقول كراولي في مذكراته :
أعرف أنني لن أعيش طويلاً .. فقد أحترقت في زمن قصير .. وكان في إستطاعتي أن أدل الناس على أشياء كثيرة في أهرامات مصروفي ممرات التبت وفي جزرالمحيط الهادي.. ولكن القوى الخفية في داخلي أتجهت إلى الجنس والمخدرات ..


لقد أهدرتني ولا أعرف كيف أواجهها ولا أرفع أصبعي معترضاً عليها.. أنني ألعوبة في يد قوية لا ترحم .. أو لا أعرف حكمتها .. ولا أعرف حتى الفائدة من وراء هذا كله !
وعندما هاجمته الصحافة في لندن .. وطالبته بأن يستعرض
قواه أمام عشرات الناس .. لم يعترض ..
فكل أصحاب الكرامات إستعراضيون بطبعهم .. 
وإختار نموذجاً بسيطاً .. مشى في الشارع وراء رجل .. وراح يقلد حركاته تماماً .. ثم وقع على الأرض .. فوقع الرجل .. وتمرغ على الأرض وفعل الرجل ذلك .. ثم إنطلق يجري وفعل الر ذلك - وفي هذه الحالات جميعاً كان كراولي هو الذي يتحرك خلفه .. والرجل لا يراه .. لم يره ..ولا يدري به !
وعندما إختفى كراولي , أختفى الرجل أيضاً!
وكانت له في بيته غرفة أسمها : غرفة الكوابيس ..
وفي هذه الغرفة تقام صلوات خاصة .. فيها الصراخ والموسيقي والقبلات والخمور والمخدرات ..وتنتهي هذه 
الصلوات عادة بأن يموت أحد الموجودين ..
وفي معظم الأحيان تكون إمرأة .. وتكون أقبح الموجودات شكلاً..
وبعد ذلك يفاجأ الحاضرون بأن كراولي قد تحول إلى كتلة حجرية .. وكانوا يضعون آذانهم على قلبه فلا يجدونه يدق .. وعندما يخرجون من غرفة الكوابيس يجدون هذا الرجل واقفاً بالباب .. وقد إرتدى ملابس البدو ..

ويقولون إنه يحدثهم بلغة لا يعرفونها .. ومن الغريب إنه يصر على الحديث بها .. ويقال إتها العربية
ولكن ما هذه القوة الخفية ؟
يجيب : إنها السحر .
- ماهو السحر .
- إنها الإرادة القوية لك . أنت تريد شيئاً وتفرض هذا الشئ على الآخرين .. ويكون ذلك عن طريق قدرتك الخارقة على التأثير والإقناع ..
هذا هو السحر .. وكل ما فعلته في حياتي هو إقناع الآخرين
بما أريد فقط .. 
- وهل أنت وحيد في هذه الدنيا ؟
- بل نحن أغلبية ساحقة .. وعلى إتصال دائم .
- وماذا تصنعون ؟
- أكثرنا شعراء والباقون حكام الشعوب
ويبدو أن ظهور مثل هذا الرجل في بريطانيا له علاقة بالطابع الخاص للإنجليز .. فهو صاحب سحر عملي ..
ولكنه غير مفيد ..

بينما نجد الإيرلنديين أصحاب شفافية وقدرة على قراءة الفكر ..
ونجد الألمان أكثر الناس تقدماً في فن التنجيم ..
ونجد الهولنديين أقدر الناس على الرؤية عن بعد , ومعرفة الأحداث بأشكالها قبل أن تقع .
أما الروس ففيهم قدرات روحية فذة .. فلم يقدم شعب من شعوب العالم مثل هذا العدد من عباقرة الشفافية الروحية :
تولستوي ودستويفسكي وسولوفيف وفيدرف وبرديائيف
ومدام بلافتسكي ثم : راسبوتين وجورجيف - وهما موضوع الفصل القادم - أرجو ذلك !

وإلى هنا أنتهت قصة وردة المصرية وإلى قصة أخرى نلتقي

ليست هناك تعليقات: