الاثنين، 22 يوليو 2024

الفصل الأول من رواية " أحدب نوتردام "

الفصل الأول 

باريس تحتفل



في السادس من يناير عام 1482 أستيقظت مدينة باريس على قرع الأجراس .
كان هناك إحتفالان في ذلك اليوم :
عيد الغطاس ومهرجان المهرجين , كان عيد الغطاس عطلة دينية , أما مهرجان المهرجين فكان للشعب , هو إحتفال سنوي يتوقع أن 
يستمع ويمرح فيه الجميع .
كان يتضمن ألعاباً نارية وإحتفالاً بشجرة مايو , ومسرحية بالقاعة الكبرى .
كان معظم رجال المدينة ذوي الشأن في طريقهم لمشاهدة المسرحية ,


وأكتظت جميع الطرقات المؤدية إلي القاعة الكبرى بالناس الذين أخذوا  يتحدثون ويضحكون إثناء سيرهم .
أدى الإنتظار الطويل إلى حدة الجماهير , فصاروا يتذمرون بشأن كل شئً .
تابعونا ..
وكما الماء في فيضانه إزدادات أعداد الجماهير مع إندفاعهم حول الأعمدة ليملئوا كل زاوية وشق .
جلس الناس على أعتاب النوافذ , والتماثيل وعلى أى مكان آخر يصلح للجلوس .
كسرت مجموعة من الطلاب زجاج إحدي النوافذ وجلسوا بجرأة على عتبتها , وأخذ الصبية يمزحون ويضحكون .

نادى أحدهم على صبي أشقر وسيم كان يجلس أعلى أحد التماثيل في منتصف القاعة : "ها أنت ياجوان ! كم مضى على وجودك هنا؟"
رد جوان :
كيف حالك يا جيون فرولو ؟ 
تدور ساقاك وذراعاك كالطاحونة الهوائية , أهكذا تحافظ على توازنك على عتبة هذه النافذة ؟ كم مضى على وجودنا هنا ؟ أكثر من أربع ساعات !
بدا الصبية الذين أضجرهم الإنتظار في مضايقة الكثير من الرجال ذوي الشأن الموجودين بين الجماهير , فأخذوا يسبونهم , ويسخرون من قبعاتهم ووظائفهم وملابسهم , إستهزؤا بكل ما أمكنهم الإستهزاء به .

وأخيراً دقت الساعة الثانية عشر , فقالت الجماهير:"آه!" صمت الطلاب , وهدأ باقي من كانوا في القاعة .
أمتدت الأعناق , وركزت الأبصار على خشبة المسرح , لكن لم يكن هناك ما يمكن مشاهدته سوى الحجاب الأربعة الذين عملوا على حفظ النظام وهم يقفون بأجسام متيبسة كالتماثيل .
أنتظر الحشد دقيقة , دقيقتين , خمس دقائق , عشرة دقائق , ثم أخذوا يرددون :
"المسرحية ! المسرحية !"
قال الطلاب : "أمسكوا بالحجاب!" فصفقت الجماهير,وشحبت وجوه الرجال الأربعة الموجودين على خشبة المسرح .
وما أن تحرك الحشد نحوهم حتى فتحت الستائر , ظهر ممثل مترنح سار حتى وصل إلي منتصف خشبة المسرح .

قال الممثل :
"يشرفنا اليوم تقديم مسرحية (الرأي الرشيد) بقلم بيير جرينجوار , التى سألعب فيها دور جوبيتير , وعندما يصل الكاردينال سنبدأ في الحال ."
ما إن سمع الجميع أنهم سينتظرون مزيداً من الوقت حتى بدؤ في الصياح ثانيةً , فصاح جوان بصوت أعلى من أي شخص آخر :
" لتبدؤا الآن!"
هتف جيون : " ليسقط جوبيتير ! ليسقط الكاردينال ! "
بدأ جوبيتير المسكين في الإبتعاد عن خشبة المسرح ببطء , وقبل أن تفتح الستائر مباشرة ظهر شخص يرتدي ملابس سوداء من وراء الكواليس , وهمس : "ياجوبيتير!" .
أخذ جوبيتير خطوة أخرى للوراء , وقال المسكين وهو يستدير: 
" من ينادي ؟ ".

تابعونا ..
قال المؤلف المسرحي بصوت خفيض :
" هذا أنا , بيير . أبدأ المسرحية وسأحرص على أن يتفهم الكاردينال الأمر ."
أومأ جوبيتير برأسه وقال :
"حسناً!"ثم إستدار لمواجهة الجمهور , وقال :
"سنبدأ العرض!"
أخذت الجماهير تصفر وتهلل مع بدء الموسيقى , خيم الصمت المطبق على القاعة الكبرى .
أذهلت ملابس الممثلين الجماهير , فكانوا يرتدون أردية بيضاء وذهبية اللون , كلً منها مصنوع من نوع مختلف من القماش :
حرير وكتان وصوف وقطن
أبتعد بيير , وأخذ يشاهد الممثلين وهم يتحدثون بالكلمات التي كتبها.
صفقت الجماهير في البداية , وإستمروا في المشاهدة .
كانت هذه علامات جيدة , لكن هذه الحالة لم تدم .
فقد دخل متسول عجوز يرتدي أسمالاً بالية وبذراعه جرح كبير إلى القاعة الكبرى .
رآه جيون فصاح : "أنظر ذلك البائس!"
أستدارت كل العيون في القاعة لتنظر إلى الرجل القذر , وتوقفوا عن
مشاهدة المسرحية .
وقف الممثلون على خشبة المسرح ولم ينطقوا بكلمة , نظر المتسول حوله وقال :"هل لي في بعض الفكة , رجاءً ؟"
قال جوان :
" إنه كلوبان العجوز . أرى أن ساقك تحسنت , أعتقد أن ما يؤلمك الآن هو ذراعك , أليس كذلك ؟".


تابعونا ..
همس بيير للممثلين:
" لماذا توقفتم ؟ أكملوا العرض !" فتابعواالتمثيل أثناء إلقاء الناس بالعملات للمتسول العجوز .
وأخيراً هدأ الجمهور ليتابعوا مشاهدة المسرحية . كان الأمر رائعاً إلى أن فتح الباب الموجود خلف خشبة المسرح , وأعلن الحاجب قائلاً :
" كاردينال بوربون !"
فكر بيير:" ألم يكف الأمر سوءاً وجود الطلاب المزعجين حتى يقاطع الكاردينال الآن مسرحيتي أيضاً ."
لم يكن السبب في ذلك هو كراهية بيير لكاردينال بوربون وإنما كان منزعجاً فحسب من أن الجمهور قد تشتت إنتباهه الآن ثانية عن المسرحية, ليرى ما يحدث بعيداً عن خشبة المسرح .

أراد الجميع رؤية الرجل المهم على نحو أفضل , حدق بعضهم النظر من فوق أكتاف بعض , ومدوا أعناقهم , ووقفوا على أطراف أصابعهم , فعلوا كل ما بوسعهم لرؤية الكاردينال المحبوب وهو يحني رأسه لتحية الجمهور ويسير إلى مقعده .
نادى الطلاب على صف الأساقفة الذين كانوا يقفون خلفه , وهم يجلسون على مقاعدهم أيضاً . كانوا يستمتعون بمهرجان المهرجين,
فهو اليوم الوحيد في العام الذي كان الطلاب يفرضون سيطرتهم على الشوارع , يمزحون ويضحكون ويثيرون المشكلات دون أن يكون لذلك عواقب كبيرة .

تابعونا ..
وأعلن الحاجب حضور دوق النمسا وثمانية وأربعين من رجاله !
وكان على المسكين إعلان أسم كل منهم ومنصبه أثناء جلوسهم على المقاعد .
بدوا جميعاً متشابهين بقبعاتهم المخملية السوداء ووجوهم الهادئة. وحاول أن يدخل مع الدوق رجل ذو وجه ضاحك يرتدي صدرية جلدية غريبة بدت شاذة وسط الأقمشة الحريرية والمخملية التي ملأت المكان .
أوقفه الحاجب قائلاً : 
" لا يمكنك الدخول هكذا ."
قال الرجل ذو الصدرية الجلدية :
"أنا جال كوبينول , حائك الدوق"
إنزعج الحاجب , فقد بح صوته إثر مناداته على هذا العدد الكبير من الأسماء .

ولم يكن الحائك أحد النبلاء , لكنه أعلن : " السيد جاك كوبينول ,حائك".
صارت شرفة المسرح ممتلئة الآن عن آخرها بذوي المقام الرفيع .
وحاول بيير مستميتاً أن يستمر في عرض المسرحية أثناء دخول الجميع , لكنه لم يفلح .
لكن في نهاية الأمر بدا أن الجميع هدوءا .
هز بيير رأسه , وغطى فمه وصاح بأعلى صوته :
"لتبدأ المسرحية ! هيا , لتبدأ المسرحية !"
قال جيون : " ما الذي يحدث بحق الجحيم ؟" لقد شاهدنا بالفعل نصف المسرحية , وهم يريدون بدءها من جديد ؟ نحن لن نقبل بذلك , أليس كذلك ؟"

تابعونا ..
سأل الكاردينال الحاجب غن سبب الضوضاء , فأوضح له أن المسرحية كانت قد بدأت بالفعل .
ضحك الكاردينال وصاح :
" قل لهم أن يستكملوا ما بدءوه , فلن يشكل الأمر فارقاً."
حدث بيير نفسه :
" لقد دمرت مسرحيتي , سيعلم نصف الجمهور الآن ما يحدث , في حين لا يعلمه النصف الآخر . إنها لكارثة !"
وما زاد الأمر سوءًا أن جاك كوبينول وقف وبدأ يتحدث :
"يا أهالى باريس العظماء, ماهذا الذي نفعله هنا ؟ هل تسمي هذه مسرحية ؟ إنها حتى لا تتضمن قتالاً ! لقد وعدنا بمهرجان للمهرجين. ماقولكم ؟.
لتسقط المسرحية , ولنبدأ مسرح العابسين , يجب أن نعثر على الرجل الذي يمكنه أن يغير من قسمات وجه ليصنع أقبح الوجوه, ونتوجه ملكاً للمهرجين ."

أراد بيير أن يقول يقول شيئاً , لكن غضبه الشديد حال دون تحركه . 
وما زاد الأمر سوءًا أن الجماهير بدت مرحبة بالفكرة , لم يعد أحد الآن مهتماً بالمسرحية , فعقولهم جميعاً تركز على أختيار ملك للمهرجين .
***

أخبار الدنيا من كل أرجاء العالم معكم أينما كنتم - اليوم 22 يوليو 2024

أولي الأخبار العالمية : الحرب في غزة

إسرائيل تقتل 16 فلسطينياً وتأم بإخلاء مناطق شرق خان يونس

16 فلسطينياً أستشهدوا نتيجة قصف إسرائيلي مدفعي وقصف الطيران الإسرائيلي قرب خان يونس وكان من بين الشهداء نساء وأطفال , كما أمرت إسرائيل بإخلاء مناطق في جنوب القطاع المحاصر ,مع توقف جهود وقف إطلاق النار بين الجانبين والتهدئة ,

كما لم تتمكن جهود الوساطة التي تقوم بها مصر وقطر ومدعومة من أمريكا من الوصول إلى إتفاق لوقفاً لإطلاق النار بين الجانبين

كما إشتد التصعيد بين إسرائيل والحوثي على خلفية الهجمات الإسرائيلية , كما أعلن الجيش الإسرائيلي أن صاروخاً تم إطلاقه من اليمن وأكد الحوثيين انه كان مستهدفاً إيلات الإسرائيلية غداة غارات إسرائيلية على ميناء الحديدة اليمني أوقع قتلى وعشرات الجرحى.




قرأت لكم من الكتب والقصص العالمية من المكتبة العالية "أحدب نوتردام"

 "أحدب نوتردام" 1482 هي رواية رومانسية تاريخية فرنسية للمؤلفها الفرنسي فيكتور هوجو وتتناول أحداث الرواية كاتدرائية نوتردام دو باري والأحداث المهمة التي حدثت بها .


وسنقوم بنشر تلك القصة كجزء من التعريف بالأدب العالمي والتراث الإنساني فأنتظرونا في قصتنا الجديدة

"أحدب نوتردام"

الجمعة، 19 يوليو 2024

أخبار اليوم العالمية المحلية والدولية من صحافة العالم الكبرى ووكالات الأنباء - اليوم 19 يوليو 2024

 من فرانس 24 نقرأ مجموعة أخبار دولية دسمة وتشمل نواحي كثيرة دولية ومن مختلف بقاع الأرض وأول هذه الأخبار عن قطع الأنترنت عن العديدة من الدول في أماكن مختلفة من العالم .


تسبب إنقطاع تقني عالمي لشبكة الإنترنت في إرتباك العديد من الشركات والمصالح والهيئات في العديد من البلدان بما فيها المطارات ووسائل الإعلام والبنوك, ومايكروسوفت تعلن إنها بإتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة الوضع وإنه تم تحديد سبب العطل , وجاري الإصلاح .


وقد أصاب الأرباك العديد من المطارات العالمية مثل مطار برلين ومطار زويوريخ في سويسرا عن وقف جميع العمليات الواردة إليه.



الخميس، 18 يوليو 2024

أخبار اليوم المحلية والعالمية من الصحافة العالمية ووكالات الأنباء -اليوم 18 يوليو 2024

 أطفال غزة فقراء الإنسانية وضحايا الحروب البشرية والفوضى العالمية لا يجدون من العالم من يحنو عليهم ولا يرتب على أكتافهم ولا يمسح على رؤوسهم ويزيل الدموع من أعينهم .


فوجدوا بعضاً من ضالتهم المنشودة وجزءاُ منها ولو لمدة ساعات قليلة

تحت عنوان بدأته فرانس24

نساء مؤثرات في غزة يرجعن البسمة المسلوبة للأطفال من خلال جمع وتوزيع المساعدات


ولكن هناك من يحاول زرغ البسمة والأمل  وسط كتل العذاب في الحياة في غزة



الثلاثاء، 16 يوليو 2024

أخبار اليوم من مراكز الصحافة ووكالات الأنباء العالمية اليوم 16 يوليو 2024

 من قرنسا 24 نبدأ أخبارنا اليومية عن حرب إسرائيل على غزة والتى بدأت منذ هجوم حركة المقاومة الفلسطسينية حماس على إسرائيل في  السابع من إكتوبر العام الماضى ومنذ ذلك الوقت فرضت إسرائيل على غزة حصاراً على غزة , ودارت المعارك بين رجال المقاومة والقوات الإسرائيلية , وملأت الجثث الشوارع .

وكانت آخر هذه المجازر حتى الآن هذه المجزرة التى جرت يوم 13 يوليو2024 .

أدت هذه المجزرة إلى إستشهاد 90 قتيلاً مابين رجال ونساء والأطفال. مضافاً إليهم 300 مصاب .




الفصل الثالث من الرواية العالمية " دون كيشوت"

 " الطريقة الممتعة التى كرس فيها النبيل دون كيشوت فارساً 

على يد صاحب النزل "

إن فارسنا المغامر الذي عذبه القلق المشار إليه قبل قليل , أختصر طعامه الذي لا لحم فيه , وترك المائدة بغتة .


وقاد صاحب النزل إلى الأسطبل . وبعد أن أغلق الباب جثا على ركبتيه وقال له بفرح غامر:

" لن أنهض من هنا , أيها الفارس المقدام , قبل أن تهبني سيادتك ما أطلبه منك , وما سيؤول إلى مجدك مثلما  سيؤول إلى منفعة الناس جميعاً .

"دهش صاحب النزل من رؤيته جاثياً عند قدميه ومن سماعه هذا الكلام الذي يخاطبه به .

فنظر إليه دون أن يعلم ماذا يفعل أو ماذا يقول , وألح عليه كي ينهض . 

لكن إلحاحه ذهب سدى , إلي إن وعده بتحقيق ما يأمله.

أجابه دون كيشوت :
"الهبة التى أطلبها منك والتي وعدتني بهامتلطفاً هي أن تتفضل على غداً منذ طلوع النهار بتكريسي فارساً وأن تسمح لى في هذه الليلة بالسهر على السلاح في كنيسة قصرك إستعداداً لتلقلي صفة الفارس المجيدة التي طالما تمنيتها بكثير من الحماسة ,
والتي ستتيح لي أن أبحث عن المغامرات في جميع أنحاء العالم,
فأقدم المعونة للمحزونين , وأعاقب الأشرار بحسب قوانين الفروسية الجوالة التي أمارسها.

كان صاحب النزل الذي كان ماكراً , كما قلنا , قد شك أن في هذا الفارس شيئاً من الجنون , فلما سمع هذه الكلمات الأخيرة
ثبت شكه , فصمم أن يلبي طلبه , آملاً أن يجد في ذلك ما يضحكه ويسليه, فقال له حينئذً :
إن مقصده محمود , وإنه أحسن الإختيار, وأن لا شئ أجدر من ذلك بالفرسان البواسل , وهو منهم على ما يبدو من هيئته , وإنه
هو نفسه - صاحب النزل - قد مارس الفروسية في شبابه , فطاف في جميع أنحاء العالم بحثاً عن المغامرات , ولم يترك قرنة في ضواحي ملقه , وجزر"رياران" , وأرباص أشبيليه,
وأسواق"سيغوفيه" وحدائق الزيتون في بلنسيه, وساحة غرناطه,
وشاطئ "سان لوكار" ومرفأ قرطبة ,  , وفي أصغر حانات طليطلة .

تابعونا ..
إلا جرب فيهاخفة رجليه ويديه , وإنه أعتكف أخيراً في هذا القصر الذي يعيش فيه من دخله ودخل الآخرين , ويستقبل فيه جميع الفرسان الجوالين , مهما تكن صفاتهم ووضعهم , بالمحبة التى يكنها لهم , ولكي يقاسمهم ما عنده من خيرات , في مقابل الخير الذي يؤدونه للعالم .
وأضاف أن ليس في قصر كنيسة للقيام بالسهر على السلاح , لأنه هدم الكنيسة القديمة ليبني كنيسة جديدة , لكنه يعلم أن هذا
السهريمكن أن يتم في أي مكان نشاء , ويستطيع دون كيشوت أن يسهر هذه الليلة في فناء القصر الذي كان كالمعد لهذا الغرض , وسوف ينتهي إحتفال التكريس منذ الصباح
أي أنه سيصبح فارساً كأي فارس في العالم , في مدى خمس ساعات أو ست .
وأضاف صاحب النزل :
وهل تحمل مالاً ؟
قال دون كيشوت :
هل أحمل مالاً ؟ ليس معي فلسُ واحد , ولم أقرأ في أية رواية أن الفارس الجوال يحمل معه مالاً .
قال صاحب النزل :
أنت مخطئ في ذلك , فإذا كانت الكتب لا تذكر ذلك فلأنه أمر طبيعي , ولا يمكن تخيل الفرنسان الجوالين الذين تمتلئ بهم الكتب كانت أكياس نقودهم جاهزة إذا دعت الحاجة

وكانت يحملون معهم ثياباً داخلية كافية , وعلبة ملأي بالمرهم لدهن الجراح , فحين يخوضون تلك المعارك الرهيبة وسط الغابات والصحاري , لايجدون الجراح الذي يضمد لهم جراحهم في الوقت المناسب .
وقد يموتون ألف مرة قبل أن يمر أحد هؤلاء الجراحين , إلا أن يكون أحد الحكماء السحرة صديقاً لهم فيرسل لهم في السحابة آنسة أو قزماً ومعهما قمقم مملوء بماء يمتاز بأن قطرة واحدة على طرف اللسان ترد العافية والنضارة لصاحبها , كأنه لم يصب بسوءً.
لكن بما أن ذلك لم يكن مؤكداً , فلم يكن يفوتهم أن يأمروا تابعيهم بأن يتزودوا بالمال
وبالأشياء الأخرى الضرورية كالمراهم وخرق الضمادات , وإذا ما أتفق أن الفارس الجوال بلا تابع , وهو شئُ نادرُ جداً,
فقد كان الفارس نفسه يحمل هذه العدة في حقيبته , ويرتب وضعها على كفل الحصان بحيث لا تظهر للناظر .
وأضاف صاحب النزل , وهكذا , فأنا أنصحك . بل آمرك بصفتك إبناً لي في الفروسية كما سأكرسك بعد قليل , ألا تسير
دون مال ودون الأشياء الأخرى الضرورية , وسترى أن راحتك ستكون أعظم عندما تفكر في  هذه الأشياء , تفكيراً أقل.
أكد له دون كيشوت أنه سيأخذ بنصيحته , وما لبث أن أستعد للسهر على الأسلحة في فناءً واسع بجانب النزل .

تابعونا..
جمع كل ما معه من سلاح ووضعه على معلف , قرب البئر وحمل درقته وأمسك برمحه وأحذ يتمشي أمام المعلف , وقد بدا عليه السرور والإعتزاز معاً .
كان الظلام مخيماً عندما هذا التمرين , أما صاحب النزل الذي كان يشتهي أن يتلهى فإنه أخبر جميع من في النزل عن جنون هذا الرجل, عن سهره علي السلاح , وعن نفاذ صبره لكي يكرس فارساً.
فتجمعوا وأخذوا ينظرون إليه من بعيد فرأوه يتمشي تارة , وتارة أخرى يتكئ على رمحه ويطيل النظر إلي أسلحته .

بيد أن الظلام ينجاب , ذلك أن القمر نشر أشعته الباهرة , وغداً ممكناً أن يرى بوضوح ما كان يفعله الفارس وخطرت لأحد البغالين الموجودين في النزل نزوة وهي أن يسقي بغاله .
تابعونا..
وكان لابد لذلك من رفع الأسلحة عن المعلف , لكن دون كيشوت الذي رآه مقبلاً صاح بصوت عالً ينم علي الإفتخار :
" أيها الفارس المتهور , الذي بلغت به الجرأة أن يقترب من سلاح أبسل من تقلد السيف , إياك أن تفعل ما لا تحمد عقباه , ولا تتجاسر ,
أياً كنت , على مس سلاحي إذا كنت لا تريد أن تدفع حياتك ثمناً لتهورك .